هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بنمضر بن نزار بن معد بن عدنان و عدنان من نسل إسماعيل عليه السلام .
و لقد بشرت التوراة _كتاب اليهود _ بمحمد صلي الله عليه و سلم
إذا جاء فيها علي لسان موسي عليه السلام : إن نبيا مثلي سيقيم الرب إلهكم من إاخوانكم أبناء إبراهيم , و حددت التوراة موضع بعث هذا النبي بأنه ( فاران ) , و فاران كانت موضع مكة أو علي مقربة منها و بشرت الأناجيل أيضا بمحمد عليه الصلاه و السلام , ففي إنجيل متي في الإصحاح الثالث و العشرين يخاطب المسيح بني إسرائيل قائلا : إانكم لا ترونني من الان حتي تقولوا مبارك الاتي باسمخ الرب و لم يأت بعد المسيح عليه السلام إلا محمد صلي الله عليه و سلم و . و فضلا عن ذلك فقد ذكرت الاناجيل تبشير المسيح عليه السلام بالفارقليط و هو أحمد صلي الله عليه و سلم الذي ذكر القرأن الكريم بشارة المسيح به في قوله تعالي علي لسان المسيح ابن مريم : و مبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد و قد ترجم اسم احمد في الاناجيل اليونانية الي بيركلوتوس ثم ترجمت الكلمة الي العربية بلفظ الفارقليط , وفي انجيل برنابا ( الفصل 97) بشر المسيح عليه السلام بمحمد بلفظ سيا ثم فسر سيا بأنه اسم المبارك محمد عليه الصلاه و السلام .
مولد الرسول :
ولد الرسول صلي الله عليه و سلم في مكة المكرمة في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول في عام الفيل الموافق أغسطس 570 م و كان الرسول صلي الله عليه و سلم اشرف ولد ادم حسبا و افضلهم نسبا من قبل ابيه و امه صلي الله عليه و سلم و شرف و مجد و عظم .
و قد مات ابوه قبل ان يولد صلي الله عليه و سلم فكفله جده عبد المطلب , و لما بلغ السرول صلي اللع عليه و سلم من العمر ست توفيت امه الأبواء بين مكة و المدينة ة كانت قد قدمت به علي أخواله من بني النجار فماتت و هي راجعة به الي مكة .
و لما بلغ رسول الله صلي الله عليه و سلم ثماني سنين توفي جده عبد المطلب فكفله عمه أب طالب و كان محمد قد اعتاد أن يخرج في رعاية الغنم و هو طفل في البادية و هو قائل بعد النبوة ( ما من نبي إلا و كان راعي غنم ) لما فيها تعلم الصبر و الرحمة و الاناة و حسن السياسة و التأمل , ثم عمل بعد ذلك في التجارة من سن الثانية عشر فذهب إلي بلاد اليمن و الشام فاتسعت معرفتة و تجاربه بما شهده من أحوال بلاد الشام و طرق التعامل و اخلاق الناس . و اصطحبه عمه ابو طاب في قافله من القوافل التجارية و لما انزلقت القافله ناحيه بصري من ارض الشام مرت القافله كعادة قوافل قريش قريبا من صومعة راهب من رهبان النصاري كان يدعي (بحيرا) و كان بحيرا لا يأبه لقوافل قريش كلما مرت به لكنه في هذه المرة رأي من صومعتة ما شد انتباهه اذا رأي غمامة تظل القافلة فلما نزلت القافلة بظل شجرة قريبة من صومعتة رأي الغمامة تعلو الشجرة و تدلت اعصان الشجرة حتي اظلت القوم فدعاهم بحيرا الي الطعام اعده لهم فذهب القوم الي طعامه تاركين محمد صلي الله علي و سلم عند رحالهم تحت الشجرة لحداثة سنة اذا كان اصغرهم سنا فلما نظر بحيرا الي من حضر طعامه لم يجد الغمامه علي رؤوسهم بل رأها علي رأس الشجرة حيث يجلس محمد صلي الله عليه و سلم فطلب بحيرا من القوم ان يدعوا الغلام محمدا ليحضر الطعام فعاتبوا انفسهم علي تركه عند الشجرة و استقدموه فلما رأه بحيرا أخد يدقق النظر فيه و تعرف فيه غلي علامات النبوه و ادرك انه سيكون النبي الذي بشر به عيسي فأوصي عمه ابو طالب أن يسرع بالعوده بابن اخيه الي مكة خوفا عليه من اذي اليهود اذا رأوه و اخبره أن ابن اخيه سوف يكون له شأن عظيم .
و اشتغل محمد عليه الصلاه و السلام بالتجارة و يبدوا انه كسب فيه خبرة منذ خرج مع عمه ابو طالب الي الشام و لكنه صلي الله عليه و سلم كان فقيرا لم يرث عن ابيه الا جاريته بركه و خمسة جمال و قطعة من غنمه فلا يستطيع ان يسهم بماله في قوافل قريش التجارية فقام بدلا من ذلك بالمتجارة داخل مكة نفسها و كان شريكا للسائب بن ابي السائب, و ارتضي محمد صلي الله عليه و سلم في السائب اخلاقه الطيبة اذا كان لا يشاري و لا يماري اي لا يلح بالمجادله في البيع بل كان سمحا في بيعه و شرائه مقتربا في ذلك من اخلاق محمد عليه الصلاه و السلام التي جعلته محبوبا و رشحته للاتجار بمال خديجة.
و كانت خديجة بنت خويلد سيدة فاضلة تعرف في مكة بالطاهرة . و كانت ذات شرف و مال من اوسط نشلء قريش نسبا و أعظمهن شرفا و اكثرهن مالا , و كانت تاجرة تستتجير الرجال في مالها و تضاربهم اياه بشئ تجعلهم لهم منه , و كانت تختار لذلك من يوثق به من الرجال فلما بلغها عن محمد صلي الله عليه و سلم ما بلغها من صدق حديثه و عظم مكانته و ك اخلاقه بعثت اليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها الي الشام تاجرا و تعطيه افضل ما كانت تعطي غيره من التجار و ذهب بعض الرواه الي ابي طالب كلم خديجة في استئجار محمد لتجارتها فسارعت الي ذلك رغبة فيه و لا مانع في ان يلتقي ابو طالب و خديجه علي رغبة واحده كهذه فأبو طالب رجل فقير لا مال له و لا يستطيع اخراج لبن اخيه في تجارته و خديجة بنت خويلد تاجرةتبعث الرجال من قريش في عيراتها ة هي تحتاج الي رجل مثل محمد صلي الله عليه و سلم في امانته و طهره ووفائه و من ثم بادرت و عرضت عليه اجرا مضاعفا .
خرج محمد صلي الله عليه و سلم في عير قريش الي الشام متاجرا في مال خديجة و صحبة غلام لها يدعي ميسرة , و لعل هذه العير قد خرجت في بداية الاشهر الحرم الثلاثة المتصلة حوالي عام 595 م قبل بعثة النبي صلي الله عليه و سلم بنحو خمسه عشر عاما و رأي ميسرة من محمد ما جعله يحبه حبا جما و اجلالا كثيرا فقد نزل محمد صلي الله عليه و سلم بظل شجرة حينما وصلت العير ناحية بصري كما هو معتاد في رحلة قريش الي الشام , و راه راهب نصراني يدعي نسطور فسأل ميسرة عنه و عن صفاته و اخبر نسطور ميسرة انا محمد هو اخر الانبياء لأنه ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي و اخذ ميسرة يلاحظ محمد صلي الله علي و سلم فوجد غمامة تظله اينما رحل , ثم لاحظ ميسرة سماحته في تجارته و يسر معاملته و كيف باعوا تجارتهم و ربحوا فيها ربحا كثيرا , و عادت العير الي مكة فيلما اقربت منها اشار ميسرة علي محمد ان يسرع الي خديجة ليخبرها بما بارك لها الله فيه علي يديه فدخل محمد صلي الله عليه و سلم مكة الظهيرة خديجه في علية لها اعجبها مرأه فلما اخبراه بما ربحوا سرت بذلك و ازداد سرورها بما اخبرها ميسرة من امر محمحد عن امانتة و طهارته و الغمامة الي اظلته و حديث الراهب عنه فأدركت خديجه انا لمحمد عليه الصلاه و السلام شأنا .
زواجه صلي الله عليه و سلم :
ادركت خديجة بنت خويلد عظم شأن محمد صلي الله عليه و سلمليس فقط بما اخبرها الغلام و لكن ايضا لما كان عليه من مكانه في قومه و حسن خلقه و قد كشفت عن تقديرها اياه حين طلب منها عمه ان تزيد في اجره فقالت : لو سألت لبعيد بغيض لفعلنا فكيف و قد سألت لحبيب قريب .
و كانت خديجه بنت خويلد رضي الله عنها امرأه عاقله حازمة لبيبة مرغوب فيها لشرفها و يسارها يحرص رجال قومها علي الزواج منها لو قدروا علي ذلك و طلبها منهم و بذلوا لها الاموال و لكنها امتنعت عليهم و اختارت محمد صلي الله عليه و سلم و سعت بنفسها الي الزواج منه , و دست اليه صاحبتها نفيسه بنت التميمة لتوعز اليه ان يخطبها اذا ابت عليه كرامته ان يطلب الزواج و يده خاليه لكن نفيسة بنت منية شجعته علي خطبة خديجة و وعدته خيرا فذهب محمحد صلي الله عليه و سلم في اعمامه و منهم ابو طالب و حمزه فخطب خديجة و تزوجها بعد ان اصدقها اثنتي عشر اوقية و نشا , الاوقيه هي اربعون درهما .
و كان محمد في ذل الوقت قد بلغ من العمر 25 عام و كانت خديجه بلغت من العمر 40 عاما فكانت اسن منه بخمسه عشر عاما و مع ذلك انجبت له جميع ابنائه إلا ابراهيم الذي انجبته ماريا القبطية و قد ولدت خديجه اربعة من الاناث هن : ( زينب و رقية و ام كلثوم و فاطمة ) و اما من الذكور : القاسم و به يكني النبي صلي الله عليه و سلم و عبد الله الذي لقب بالطاهر و لقب بالطيب , و قد مات الذكور قبل بعثة النبي صلي الله عليه و سلم اما الاناث فقد ادركن الاسلام و اسلمن جميعا و هاجرن معه .
البعثة النبوية :
لعنا لاحظنا فيما اوجزنا من حياه محمد صلي الله عليه و سلم قبل العثة أن الله تعالي احاطه بعنايتة و اعده اعدادا خاصا ليكون قادرا علي حمل الامانة الثقيلة و تبليغ الرسالة الغظيمة التي سيحملها " انا سنلقي عليك قولا ثقيلا " فقد انشأ الله عز و جل محمدا يتيما كي يعتمدج علي نفسه او عليحد قول جعفر الصادق : انما يتم الرسول الله صلي الله عليه و سلم لئلا يكون عليه حق لمخلوق , و قال غيره : رباه يتيما ليعلم أن العزيز من أعزه الله و ان قوته ليست من الاباء و الامهات و لا من المال , بل قوته من الله تعالي . و ايضا لكي يرحم الفقراء و الايتام . و كان اشتغال محمد صلي الله عليه و سلم بالرعي و التجارة اثر حميد في نفسه فهما حرفتان تطبعان في النفس الرحمة و اللين و حسن المعاملة و القيادة و السهر علي الجماعة و الحدب عليها و رعايتها , و كان محمد صلي الله عليه و سلم رغم شرفه فقيرا فعوضه الله بمال السيده خديجة فجمع الي شرف الحتد سعة في المال و قوي ظهره بجاه عمه لبي طالب و زوجه خديجة , و تزايدت مكانة محمد صلي الله عليه و سلم في قومه علوا يوما بعد يوم فلطهره و صدقه و امانته و اسموه الصادق الامين و احبوه حتي رضوا به حكما بينهم و هيأ له الله تعالي شرف وضع الركن الاسود بيده الشريفة في موضعه من الطعبة و كانت هذه ارهاصة بما سيكون لمحمد صلي الله عليه و سلم من شأن عظيم .
و اعد الله تعالي محمدا صلي الله عليه و سلم اعدادا نفسيا لحمل الامانة فأظهر له قبيل بعثته أمارات تدل علي إكرام الله إياه و إختصاصه بفضله , فكان صلي الله عليه و سلم اذا خرج لقضاء حاجته ابعد حتي لا يري أبعد حتي لا يري بيتا و يفضي الي الشعاب و بطون الاودية فلا يمر بحجر و لا شجرة إلا قالت : السلام عليك يا رسول الله " فكان يلتفت عن يمينه و شماله و خلفه فلا يري احد و أراه الله تعالي الرؤي الصادقة , كانت تجئ مثل فلق الصبح ثم حبب غليه الخلاء فكان يخرج ليتحنث بغر حراء الليالي المعدودة ثم يرجع إلي اهله فيتزود لمثلها و فضلا عما كان محمد صلي الله عليه و سلم يسمعه من صوت في طريقه فقد أد صلي الله عليه و سلم يري ضوء تحت تخوف علي نفسه الجنون أو الكهانة , و اسر بهواجسه الي زوجه خديجة و لكنها كانت تهدئ من روعه و تطيب خاطره .
و لما بلغ محمد سن الاربعين من عمره و هي سن مبعث الانبياء و تهيأ بدنيا و اجتماعيا و نفسيا و روحيا للمهمة الجليلة التي اختارها الله تعالي اتاه الوحي ليلة القدر من رمضان 610 م و قد جاء اليه جبريل عليه السلام في غار حراء و قال له : يا محمد .. انا جبريل و انت رسول الله , ثم قال له إقرأ , فقال محمد : ما اقرأ , فغطه جبريل ثلاثا حتي بلغ منه الجهد ثم قال : اقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الإنسان من علق , إقرأ و ربك الأكرم , الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم .
بدأ جبريل عليه السلام [ان نادي علي النبي صلي الله عليه و سلم دون أن يظهر له و يبدو أن ذلك كان تهيئة لرسول الله و تخفيفا عنه من هول المفاجأة , لكنه صلي الله عليه و سلم رغم انه ارتجف لما سمع و عاد إلي اهله متمتما : زملوني زملوني .
حتي ذهب عنه الروع فصعد إلي حراء فظهر له جبريل في ليلة الإثنين _ ليلة القدر _ و اخبره بأنه رسول الله و قرأ عليه سورة العلق بعد أم غطه ثلاثا فعاد محمد صلي الله عليه و سلم إلي اهله و يتمتم : دثروني دثروني . و اخذت خديجة تهدئ من روعه فأبدي لها مخاوفه من أن يكون قد أصابه مس من الجن أو جنون فاستعذ بالله من ذلك و بذلت ما بوسعها للتخفيف عن زوجها قولا و فعلا
, فذكرت له مكارم اخلاقه التي تستبعد معها هاجس الجنون ثم أبدت له رجاءها أن يكون نبي الأمة ثم جمعت عليها ثيابهل و ذهبت إلي ابن عمها ورقة بن نوقل و كان قد تنصر و قرأ الكتب فأخبرته بحديث محمد صلي الله عليه و سلم فأقسم لها نوفل ان قد جاء محمد الناموس الاكبر ( الناموس هو الوحي) و انه لنبي الامة فرجعت خديجة الي رسول الله صلي الله عليه و سلم فأخبته بقول ورقة فخفف ذلك عنه عليه بعض ما هو فيه من هم , ثم لقيه ورقة و هو يطوف الكعبة فسأله عما حدث له فأخبره الرسول صلي الله عليه و سلم فقال له ورقة : و الذي نفسي بيده انك لنبي هذه الامة .
فتر الوحي عند رسول الله صلي الله عليه و سلم فحزن حزنا شديدا حتي كان يغدوا الي ثيبر مره اخري و الي حراء مره اخري يريد ان يلقي نفسه من حالق لكنه سمع صوت جبريل مجددا فرفع رأسه اليه فقال : يا محمد انت رسول الله حقا و يبدو انه تلا عليه حينئذ قول الله تعالي : ن و القلم و ما يسطرون , ما انتا بنعمة ربك بمجنون , وإن لك أجر غفير ممنون , وإنك لعلي خلق عظيم . و لما هدأت نفس الرسول اخذ الله يعده للدعوة العظيمة فنزل الوحي علي محمد عليه السلام و كانت الكلمات التي قالها في ارتياعه الأول (زملوني ) فنزل الله تعالي : يا أيها المزمل , قم الليل إلا قليلا , نصفه أو انقص منه قليلا , أو زد عليه ورتل القرأن ترتيلا , إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا .
فأدرك الرسول صلي الله عليه و سلم انه مقدم علي أمر جلل و سرعان ما امره الله تعالي ببدء الدعوة اذا انزل عليه قوله تعالي : يا ايها المدثر , قم فأنذر , و ربك فكبر, و ثيابك فطهر , و الرجز فاهجر , و لا تمنن تستكثر , و لربك فاصبر .
فبادر الرسول صلي الله عليه و سلم إلي الدعوة إلي الإسلام